عجز جمال عبدالناصر في الحفاظ على الوحدة بين مصر وسوريا ، عجز القطران السوري والعراقي بظلال حزب البعث الواحد عن توحيد البلاد بل انقسم الحزب ، وعجزت لبنان عن العودة إلى الأصل السوري، والسودان عن العودة إلى الأصل المصري، عجز القذافي أمام مشروع الوحدة وتشكلت عشرات الدول على هذه الجغرافيا ، اثنتان في اليمن ، فقيض الله الرجال من مجاهل هذه البلاد ويفشلون بقراءة جملة صحيحة بشعر رأسهم المغبر وتقاسيم الفلاحة في وجوههم ، من مدن يجهلها العالم الحديث ، ولم يزر أحد منهم دولة أو سفارة ، وبينما الاتحاد السوفيتي يتفكك وتضمحل العرق : توحدنا .
 
أرى الجميع نسي عظمة اليوم التاريخي في أتون الحرب والتمزق وتخلي اليمني عن رقصاته الفرحة بالبلاد الموحدة ولم يعد يفكر بالجغرافيا طالما والقلوب تحب الشتات ، والحروب تعمق القطيعة والسقوط والخلافات البينية.
 
كانت بلادنا تفيض بالآمال الجليلة، كان علمنا واحد ، أغنيتنا ذاتها ، وكلمة اليمن الكبير من شفة واحدة حيث يبزغ التبعي على رأس الجمهورية ويهتف : توحدنا ، ويلوح لكل الجماهير الملونة بالراية في كل مدينة ، ليرقص الوطن، الوطن الذي كانت وحدته إنجاز القومية العربية لتنفس الحلم الكبير منذ خروج الاستعمار ، وشكلت ضربة قاصمة للغزاة والطامعين الذين منذ لبنات جمال عبدالناصر وهم يوقدون بين الشعوب العربية جمرات الكره كيلا تتوحد ولما توحدت اليمن أصيبوا بالصرع.
 
المعروف أن الشعوب المدنية أقرب للوحدة وقد فشلت تلكم الدول فالمتابع للشأن العروبي في ذلك الوقت يعتقد أن الوحدة ستبدأ من لبنان ، سوريا ، مصر ، العراق حيث مركز الفهم العميق وبزوغ الأحزاب الوحدوية غير أن وحدة مصر وسوريا فشلت بعد ثلاث سنوات ثم تحطم الحلم العربي ، ولما أصاب اليأس جماهير هذه الأمة انبثقت من اليمن وحدتنا المباركة ، وخطت الجماهير، جماهير كل اليمن ، عريضة كبرى للأصل العربي المنسل من هذه البلاد.
 
وللوحدة نحن جيل الوحدة حديث : كنا صغارا نحتفي بمقدم اليوم قبل شهر نعد الآواني لإشعال البيوت بالوحدة والإذاعات والشاشات تتراقص طربا والإعداد المزمن للكرنفالات يشغل الوطن برمته لكن ، في غفلة، سقطت البلاد بيد الكهنوت الحوثي.
 
لم تعد صنعاء ، وذهبت عدن تحت نير الأطماع ، وتعز المطحونة بين الفريقين تتشبث بالفراغات وتسقط في فحص الانتماء : تعز مهلهلة.
والكهف يلعننا بالعتمة ويفتل شاربه بالدم فأين أنت يا أمل عرفة ؟ 
وأنت يا صالح ، أين كاريزماك الكبرى كاليمن ؟ 
وهل هناك طفل في ريف ما يحرق الجبال ويشعل المنازل لينير للوطن ؟ 
أين أنتم يا عالم ؟

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية