بعد مقتل قاسم سليماني قائد فيلق القدس في مليشيا الحرس الثوري الإرهابي الإيراني، في يناير/ كانون الثاني الماضي بغارة أمريكية بالعراق، برز اسم القيادي في مليشيا حزب الله اللبناني محمد كوثراني، كحلقة وصل بين مليشيات إيران في العراق ولبنان، ونظام ولاية الفقيه بطهران.
 
وأعلنت الولايات المتحدة، أمس الجمعة، مكافأة مالية تصل إلى 10 ملايين دولار مقابل "أي معلومات عن أنشطة وشبكات وشركاء كوثراني، المتهم بالتنسيق بين مجموعات مؤيّدة لإيران في بغداد وبيروت.
 
ويحمل كوثراني الجنسيتين اللبنانية والعراقية، ومسجل لدى السلطات الرسمية في البلدين باسم "محمد كوثراني وجعفر الكوثراني"، ولديه قيود رسمية بتواريخ ميلاد في أعوام: 1945 و1959 و1961 بحسب بيانات وزارة الخزانة الأمريكية والتي أفادت بأنه مولود في مدينة النجف بالعراق.
 
وأشارت تقارير إعلامية إلى أنه تم اختيار كوثراني لمهمة التنسيق بين مليشيات إيران في العراق ولبنان، بعد اجتماع عقد بين مليشيا حزب الله وقادة الجماعات المسلحة العراقية، بعد أيام فقط من اغتيال سليماني، لملء جانب من الفراغ الذي تركه اغتيال قائد فيلق القدس.
 
ظل سليماني في العراق
كان محمد كوثراني ظلا لقاسم سليماني ومن أبرز أذرعه خارج إيران، حتى بات مشاركا دائما لاجتماعات المليشيات المسلحة الموالية لإيران بالعراق.
 
ونال كوثراني ثقة سليماني للدرجة التي جعلته ينتقد المليشات المسلحة لفشلها في إنهاء الاحتجاجات الشعبية ضد حكومة بغداد.
 
وكشفت تقارير أخرى عن أن هناك مستشارين يعملون بتوجيهات من كوثراني بالتنسيق مع قادة الحشد الشعبي للتصدي للاحتجاجات الشعبية في العراق، وتنسيق دور مليشيا حزب الله لتوفير التدريب والتمويل والدعم السياسي واللوجستي للمليشيا الشيعية العراقية.
 
المفارقة أن دوره بالعراق لم يقتصر فقط على الجانب المليشياوي، بل تم ترشيحه وزيرا للاتصالات بالحكومة العراقية السابقة برئاسة محمد توفيق علاوي.
 
وكانت وزارة الخزانة بالولايات المتحدة الأمريكية فرضت عليه عقوبات في أغسطس/آب 2013، وذلك لدوره في دعم الإرهاب.
 
ويعمل كوثراني في دعم المليشيات المسلحة بالعراق وأيضاً توصيل تقديم الدعم المالي لمليشيا الحوثي باليمن، إلى جانب تمويل العمليات الإرهابية في عدة دول بمنطقة الشرق الأوسط.
 
وأشار تقرير عن قناة الحرة الأمريكية إلى مسؤولية كوثراني المباشرة عن الهجمات ضد قوات التحالف الدولي بالعراق، والتخطيط لهجوم يناير/كانون الثاني 2007 على مركز تنسيق محافظة كربلاء المشترك، والذي خلف مقتل 5 جنود أمريكيين.
 
ولا يقتصر دور كوثراني في توجيه المليشيات المسلحة بالعراق فقط، بل يتورط في عمليات غسيل الأموال لصالح حزب الله، وذلك لتهريب الأسلحة بين العراق وإيران عبر الحدود إلى جانب عراقيات ولبناني وسوري.
 
شق صف مليشيات إيران
من ناحية أخرى، يرى مراقبون أن كوثراني تسبب في ظهور شقاق بين المليشيات المسلحة الموالية لإيران، خصوصا وأنه لا يحظى بالقبول الذي كان يمتلكه سليماني سواء على مستوى النفوذ أو قبول الشخصية.
 
ولفت إلى أن قيادات مليشياوية عراقية موالية لإيران، أبدت تحفظها على تحركات كوثراني، حتى إن السياسيين العراقيين الموالين لنظام طهران أبدوا تحفظهم على اختياره منسقا بينهم وبين طهران.
 
ومن هذه الشخصيات رئيس الوزراء العراقي السابق حيدر العبادي، وزعيم "تيار الحكمة" عمار الحكيم، فضلاً عن شخصيات سياسية وفصائلية مسلحة أخرى.
 
من هنا، لفتت تقارير أخرى إلى أن كوثراني يسعى إلى توحيد الصفوف مرة أخرى، بعد الشقاق الذي تنامى بين مليشيات إيران بالعراق خلال الفترة الثانية لتولي نوري المالكي رئاسة وزراء العراق من 2010 إلى 2014.
 
وأشارت أيضاً إلى أن خليفة سليماني في العراق ولبنان، يسعى لعقد صلح بين مقتدى الصدر ونوري المالكي، وتسوية الخلافات التي ضربت مليشيا الحشد الشعبي.
 
كما تكشف معلومات وزارة الخزانة الأمريكية عن دور كوثراني في إفراج المحكمة العراقية عن علي موسى دقدوق القيادي البارز في حزب الله اللبناني عام ٢٠١٢ عقب اعتقاله مع قيس الخزعلي وشقيقه ليث الخزعلي من قبل القوات الأمريكية في ٢٠٠٧، لمسؤوليتهم عن العديد من الهجمات ضد قوات التحالف في العراق، بما فيها الهجوم على مركز التنسيق المشترك في كربلاء. 
 
وعقب اندلاع الاحتجاجات في سوريا عام ٢٠١١ باشر كوثراني مهمة الإشراف على نقل عناصر المليشيات من إيران والعراق إلى سوريا للمشاركة في قمع الاحتجاجات وحماية النظام فيها من السقوط. 
 
ولم يتوقف عند ذلك، فقد عمل جنبا إلى جنب مع قاسم سليماني وأبومهدي المهندس في نقل الأسلحة والعتاد والصواريخ من إيران إلى سوريا عبر العراق. 
 
فضلا عن فتح العديد من المعسكرات الخاصة بتدريب عناصر المليشيات داخل الأراضي العراقية قبل نقلهم. 
 
ويشرف كوثراني مع مساعده علي دقوق في إدارة عمليات تجنيد الشباب العراقي في صفوف المليشيات وعلى مراكز التجسس الإيرانية داخل العراق التي تحتضن أجهزة متطورة. 
 
وتنتشر المراكز الإيرانية في غالبية مدن العراق لكن مقرها الرئيسي يقع في بلدة "جرف الصخر" جنوبي العاصمة بغداد التي تمثل مركز القواعد العسكرية الإيرانية في البلاد بعد أن نفذت مليشيات الحشد الشعبي حملة إبادة جماعية ضد أهلها عام ٢٠١٤.

أخبار من القسم

تطورات الساعة

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية