كأني رأيت الدمع في عينيك
فهل أبكوك فبكيت منهم عليهم !!
قالوا بأنك قد قُتلت
وقد شبعت موتا
فلماذا إذن نراك في كل مكان
تنادينا
ضاحكا تارة
وحزينا تارة أخرى؟!!
نحن فعلا نفتقدك
نحن الذين لم تكن تعرفهم لكنهم عرفوك
وساروا بعدك واختلفوا واتفقوا معك
في هذه وفي تلك صدقوك ولم يخذلوك.
كان بيننا وبينك عهد لكنك نقضته برحيلك
ولم تشاورنا في الأمر
قلت إن ذلك كان من أجلنا
لكنك لم تخبرنا بما كنت تراه
وقررت المخاطرة بنفسك لتنقذنا
وقد فعلت لكن بثمن باهض هو رأسك
لتفدي رؤوسنا كلنا.
أنت تعلم يا صالح بأني لم أكن من أتباعك
فلماذا أفتقدك كل هذا الفقد
لماذا بكيت عليك مع أنني بالكاد أعرفك..
ليس وحدي بل السواد الأعظم من شعب سبأ.
أنت لم تكن نبيا
ولا قديسا
كنت فقط واحداً منا
موظفاً في رئاسة الجمهورية
بوظيفة رئيس "يصطبح كدم وفول مع قلص شاهي"
هل تصدق بأننا نفتقد حتى أخطاءك
ونفتقد هنجمتك ونخيطك وغضبك وضحكاتك وعبوسك
ونفتقد مشيتك المليئة بالخيلاء والزنط ولفتاتك الطيبة والمكارة
ليس لأننا عبيدا حاشانا ولكن لأنك كنت تشبهنا ونحن نشبهك
لم نكن معجبين بك بل بأنفسنا فيك
كان فيك كل ما فينا من شجاعة ونبل وكرامة ورجولة وشرف ونُبل
وفروسية وفسالة وحماقة وتسرع وحكمة وكرم وغضب...
كان اسمك علي عبدالله صالح كما لو كان اسم أي واحد فينا
وكنا نحن فيك كما لوكنت أحدنا وليس آخر.
عاتب عليك لأنك لم تنتبه لتحذيري
وغاضب منك لأنك لم تصدقني
إلا بعد أن أُحيط بك من كل جانب
لم نردك ان تسقط لأننا سنسقط بعدك
وقد سقطت فسقطنا جميعا معك .
والآن يا صالح ماذا علينا أن نفعل
أي الطرق بعدك نسلك وكلها شائكة وملغومة.
يا صالح ما كان ينبغي لك أن تهادن التتار
يا صالح ما كان لك أن تنحني للعاصفة التي صنعتها بيديك
يا صالح ما كان ينبغي لك أن تترجل وترحل بعيدا
وتتركنا وحدنا امام الطوفان..
يا صالح الفارس والبطل والشجاع والطيب
آه منك وألف ألف أهوين عليك !
هل أرثيك الان في ذكرى رحيلك الثانية ؟
نعم أرثيك بكل صوتي وبكل قوتي
وأمام العالم أجمع فمثلك يجب أن يُرثى
لكنني لا ولن أرثي أنفسنا لأننا قد وقفنا بعدك
ولن ننكسر ثانية
ولن ننحني ثانية
ولن نهزم ثانية
فقد علمتنا المرارات بأن الصبر حكمة وإن الغضب آخر العلاج .
كلهم قومنا
كلهم أهلنا
كلهم ناسنا
لكن بعضهم بغى علينا
لكن بعضم خان عهودنا
لكن بعضهم عصف ببيتنا الذي يأوينا جميعا
رغم تحذيرنا لهم أن لا يفعلوا لكنهم بحماقاتهم فعلوا
وناشدناهم أن لا يختلفوا وتتفرق أيديهم
فتستيقظ الذئاب من حولنا فاختلفوا !
لقد استرحت يا صالح لكننا بعدك لم نسترح
ليس لفراقك فقد رحلت واقفا كما يليق بفارس مثلك أن يرحل
بل لأننا حتى الآن لم نخطُ الخطوة المُثلى بعد
باتجاه آخر النفق المظلم الذي يحتوينا.
عامان مرا على رحيلك
ونحن نفتقدك كأب غادر فجأة
دون أن يودع أبناءه كما يليق بهم وبه.
ولاتزال روحك تحلق حولنا نكاد نراها ونلمسها
كما لو أن شريطا سينمائيا يمر أمامنا لقطة لقطة .
لقد باغتنا رحيلك وشلّنا ولم ندري حينها ماذا نفعل
لكننا ندري الآن
ونعلم الآن
ونتحرك الآن
باتجاه السلام المنشود الذي طالما
ناديت به فلم يستمع اليك أحد إلا نحن .
فوداعا صالح
أيها الفارس اليماني العنيد
الذي لا نضير له
وشكرا لك ولموتك الذي بعون الله أحيانا
وفتح أبصارنا على أهوال لم نكن ندريها
شكرا لك حيا وميتا وشهيدا
والسلام عليك
يا آخر الفرسان الكبار
الذي نفتقده في كل ساعة
وفي كل حين !!
 
* نقلا عن صفحة الكاتب بفيسبوك

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية