ما اقترفته مليشيا الكهنوت الإرهابية بحق سكان الساحل الغربي جُرم يفوق كل جريمة، تشهد عليه أجسادٌ بريئة مُزقت بالألغام والقذائف والعبوات الناسفة، منها أرواحٌ خلت في عداد الشهداء إلى بارئها، والبعض جرحى، والغالبية معاقون حالت جرائم الكهنوت بينهم وبين حلم المستقيل الذي رسموه ذات يوم على رمال تهامة فمحته المليشيا عندما مرت من هناك.
 
محمد عبده، أحد هؤلاء الذين اغتيلت أحلامهم على أيدي الكهنوت الحوثي، زاره فريقٌ من وكالة "2ديسمبر " فوجده طفلًا في ربيعه الثالث عشر أصيب بلغم حوثي قبل عامين في بلدته "الزُهاري" الواقعة في أقصى الشمال من مديرية المخا غربي تعز.
 
تحت طائلة قصف همجي لم يفرق بين حجر وبشر، فر أهالي الزهاري نحو مناطق النزوح إبان معارك التحرير، فخرجت أسرة محمد مع من نزحوا وفضّل والده أن يمضي في ركب الشجعان ملتحقًا بصفوف المقاومة مقاتلًا بقايا الإمامة والكهنوت، فاستشهد وهو يذود عن أرضه وعرضه، ومضت زوجته وابنه محمد ضمن مئات الأسر النازحة.
 
وبعد أسابيع من إعلان التحرير للزهاري على أيدي القوات المشتركة، عاد الجميع إلى ديارهم، وعاد معهم محمد وإخوته وأمه يفتقدون أباهم الشهيد، فقررت أمه أن تهتم بالأرض والزراعة كونها المصدر الوحيد لدخل الأسرة وقرر محمد أن يساعدها في الحراثة والري وإصلاح السواقي.
 
ذات يوم وجد محمد في مزرعة أبيه وهو يقلب الأرض فلاحًا نشطًا ستة ألغام فردية، ولكونه غير واعٍ بمخاطرها انتزعها وحملها معه، وفي الطريق ساوره شعورٌ لأن ينظر ما هي!، فلما حاول فتح إحداها انفجرت به فقطعت ذراعه ونزعت عينه وشوهت وجهه، وسكنت الشظايا في صدره.
 
معاناة مرة عاشها طفل الزهاري وما زال يعيشها إلى اليوم، تظنه إن رأيته بصيرًا لا يُحجب عن عينيه شيء، لكن الحقيقة أنه فقد عينه واستبدلها بصناعية تزين وجهه لا بصره، وعن أعين الناس يتخفى دائمًا، عفيفًا لم تخجل المليشيا من براءته التي انتهكت بدمٍ بارد.


 

أخبار من القسم

تطورات الساعة

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية