كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية أن المسؤولين الإيرانيين تفاجأوا من أن نفوذهم في المنطقة ينهار بسرعة، كما يعتقدون أن المظاهرات في لبنان والعراق تشكل تهديداً وجودياً لنظام طهران، ويتخوفون بشدة من انتقال الاحتجاجات إلى إيران، بسبب تشابه الظروف المعيشية السيئة في لبنان والعراق وإيران.
 
وفي التفاصيل، ذكرت الصحيفة أنه غالباً ما تندرج منهجية إيران ضد الولايات المتحدة وإسرائيل ودول خليجية باعتبارها تهديدات مباشرة لأمنها ونفوذها الإقليمي.
 
لكن السلطات في طهران حولت في الآونة الأخيرة انتباهها إلى مصدرين جديدين للقلق، هما لبنان والعراق، حيث يعتقد النظام الإيراني أن المظاهرات الضخمة المناهضة للحكومة في كلا البلدين، والتي تشوبها العداوات والاستياء تجاه إيران، قد عرضت مصالحه فجأة للخطر كما أثارت احتمالية قيام احتجاجات داخل إيران نفسها.
 
إلى ذلك، أضافت الصحيفة أنه إذا نجح المحتجون اللبنانيون والعراقيون في الإطاحة بحكومتيهم وإضعاف الأحزاب السياسية الراسخة ذات العلاقات العميقة مع قادة إيران، فإن طهران ستخسر عقوداً من الاستثمارات المالية والسياسية والعسكرية.
 
خامنئي يريد قمع الاحتجاجات
يذكر أن المرشد الإيراني، علي خامنئي، كان وصف الأربعاء، الاحتجاجات الشعبية المستمرة في العراق ولبنان منذ أسابيع بأنها "أعمال شغب تديرها أميركا وإسرائيل وبعض دول المنطقة"، وفق تعبيره. كما أغلقت إيران العديد من المعابر الحدودية مع العراق أمام التجار والمسافرين حسبما ذكرت وسائل الإعلام الحكومية الإيرانية، وفقاً للصحيفة.
 
وأشار التقرير إلى أن الأحداث في كلا البلدين لبنان والعراق تم تصويرها بشكل سلبي في الإعلام الإيراني. ووصف المسؤولون والمعلقون المحافظون في إيران الانتفاضات بأنها "فتنة" - وهو مصطلح استخدموه في المظاهرات المحلية المناهضة للحكومة في عامي 2009 و2017. واقترح البعض أن المحرضين الأميركيين وقوى إقليمية أذكوا الاضطرابات من أجل إضعاف إيران، وخلق انقسامات بين طهران وحلفائها الإقليميين الرئيسيين.
 
لكن المسؤولين الإيرانيين يشعرون بالقلق بشكل أكبر من أن تنتقل الاحتجاجات الشعبية من الدول المجاورة والمظالم المشتركة التي يتقاسمها اللبنانيون والعراقيون إلى الشعب الإيراني، حيث اندلعت الموجة الأخيرة من الاحتجاجات في إيران عام 2017 بسبب الفشل الاقتصادي والبطالة والإحباط من الفساد الحكومي.
 
الاحتجاجات متواصلة رغم الاستقالات
وفق الصحيفة، لقد أثار رئيس الوزراء العراقي، عادل عبد المهدي، الخميس، احتمالية تقديم استقالته. وقبل يومين، أعلن رئيس وزراء لبنان، سعد الحريري، استقالته. لكن ليس هناك ما يشير إلى أن الاحتجاجات في العراق أو لبنان ستنحسر في أي وقت قريب.
 
من جهته، قال خبير شؤون الشرق الأوسط في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، جوزيف بهود: "تصور القيادة الإيرانية هو أن هذه الحركات تشكل تهديداً وجودياً. ومع ذلك، لا يزال لديهم الكثير من الأوراق للعبها قبل اللجوء إلى العنف".
 
خامنئي يطلب قمع الانتفاضات
وأضافت الصحيفة: "لقد قال خامنئي في كلمته إنه أمر قوات الأمن باليقظة لمواجهة الانتفاضات. وتشير تعليقاته إلى أنه ربما أراد لوكلاء إيران في العراق ولبنان أن يقاتلوا الحشود. وقال محللون إن طهران ستجرب تكتيكات مختلفة لمواجهة الاحتجاجات".
 
لبنان وخطط إفشال الثورة
وفي لبنان، يتمثل الهدف في إحداث انقسام بين الثورة وبين الميليشيات المدعومة من إيران عبر عدم تأييد الدعوة للإطاحة بالمؤسسة السياسية بأكملها.
 
وبالفعل، لقد طلب زعيم حزب الله، حسن نصرالله، من المؤيدين الابتعاد عن الشوارع.
 
إلى ذلك، تعتمد إيران على التخويف لتفريق المحتجين اللبنانيين. والثلاثاء، داهمت مجموعة من العناصر الموالية لحزب الله موقع الاحتجاجات الرئيسي وسط العاصمة بيروت، واعتدت على المتظاهرين وقامت بتفكيك خيامهم.
 
ومع استقالة الحريري، يلوح في الأفق احتمال حدوث فراغ سياسي في لبنان إذا لم يتم تشكيل حكومة جديدة.
 
العراق وتدخلات سليماني
ويمثل العراق تحدياً أكثر تعقيداً لإيران. وذهب قاسم سليماني، قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري، الذي زار العراق عدة مرات في السنوات الأخيرة، إلى بغداد مؤخراً من أجل معالجة مسألة الاحتجاجات. ويتواجد في مدن الجنوب قواعد للميليشيات المدعومة من إيران.
 
تشويه ملصقات خامنئي
وكان العراقيون ينتقدون إيران علانية ويحرقون علمها، وهم يهتفون لمغادرتها البلاد، ويشوهون ملصقات خامنئي ويهاجمون مقرات الميليشيات التي يدعمها الحرس الثوري.
 
من جانبه، هاجم زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، إيران وانحاز إلى جانب المحتجين وحضر مظاهرة في مدينة النجف الثلاثاء بعلم عراقي ملفوف حول كتفيه، داعياً الحكومة إلى الاستقالة.

أخبار من القسم

تطورات الساعة

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية