لقد عاش العراق في عزلة عربية وإقليمية منذ غزو الرئيس العراقي السابق صدام حسين الكويت، ثم الاحتلال الأمريكي الذي أعطى الفرصة لإيران بالتدخل في الشأن العراقي، لتتعمق عزلة العراق عن محيطه العربي والإقليمي، وتنتشر الطائفية والتشدد بمباركة بعض المسؤولين العراقيين وعلى رأسهم رئيس الوزراء السابق نوري المالكي الذي سلم البلاد لجنرالات الحرس الثوري الإيراني التي سلخت العراق من هويته العربية ونهبت ثرواته، ونشرت مليشيات إيران الطائفية في أنحاء العراق.
 
بدأ العراقيون يدركون أن إيران لم تجلب لهم سوى الإرهاب والطائفية والفقر والعزلة، وتنبهوا للخطر الإيراني وتأثيره السلبي على العراق منذ أعوام، وأصبح واضحاً غضب الشعب العراقي من النفوذ الإيراني في بلاده، ولم تعد ذريعة مواجهة داعش مجدية بالنسبة للحكومة العراقية، بعد أن كانت تستخدمها كسيف مسلط على رؤوس العراقيين، وهو ما كان دوماً يمنعهم من الاحتجاج بانتظار زوال الخطر الداعشي المحدق بهم.
 
اندلعت مظاهرات حاشدة وغير مسبوقة منذ الثلاثاء الماضي منددة بالنفوذ الإيراني المستفحل الذي يتحكم في مفاصل القرار العراقي وتفاصيل حياة العراقيين. بدت علامات الغضب الشعبي واضحة من التدخل الإيراني في البلاد حين أحرق المحتجون الأعلام الإيرانية، وكانت عبارة "إيران برة برة.. بغداد تبقى حرة" من الشعارات التي تردد أصداؤها في هذه الانتفاضة الشعبية الغاضبة. كان رد الحكومة العراقية أكثر عنفاً هذه المرة وبصورة تشير إلى استنفاد كل وسائل الضبط والهيمنة، إذ لم يبق سوى العنف المفرط لإخماد موجة الاحتجاجات، فسقط العشرات من القتلى والجرحى، وبالتأكيد أن عمليات إطلاق النار على المتظاهرين كانت بأوامر إيرانية، والهدف منها السيطرة على المتظاهرين وتنفير الشعب من الجيش.
 
إذا أراد الشعب العراقي الدفع باتجاه تغيير حقيقي، فإن ذلك يتطلب الذهاب إلى أبعد من مجرد التنديد بالنفوذ الإيراني وإبداء النقمة على الوضع القائم. يتطلب الأمر وضع مطالب قابلة للتنفيذ والدفع نحو تنفيذها واحدة بعد الأخرى تحت الضغوط الشعبية. أهمها بالتأكيد إنهاء الفساد والمحاصصة الطائفية التي تكرسها إيران بهيمنتها الاقتصادية والأمنية على البلاد.
 
 
 
* نقلا عن موقع "العين الإخبارية"

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية