كان لمنطقة النخيلة من اسمها كل النصيب، لكن حرب مليشيا الحوثي تسلبها كل يوم أجزاء من غابات نخلها الباسقات، وتفتح المجال لوحش التصحر المخيف ليلتهمها.

 

حيث تقع بلدة النخيلة على شاطئ البحر الأحمر، 15 كيلومتراً جنوب مدينة الحديدة، وتتبع إدارياً لمديرية الدريهمي، وقد اشتهرت بغابات النخيل منذ القدم.

 

حيث تمتد مزارعها على دلتا وادي رمان، ووادي سهام أحد أشهر الأودية الخصيبة في الجمهورية اليمنية، وكانت مليشيا الحوثي الإيرانية قد حولت هذه المزارع إلى معسكرات سرية، قبل تحرير مديرية الدريهمي، وجعلت منها مناطق مغلقة ومحاطة بكميات كبيرة من الألغام، وعملت على تهجير سكانها بالقوة.

 

ومنع المزارعين والعمال من الاقتراب منها، لتعرض كل هذه الثروة الوطنية للنفوق والموت عطشاً، وتحيلها إلى ساحة معارك، بعد وصول القوات المشتركة إليها، حيث اخترق الرصاص والشظايا آلاف النخيل وأدى إلى نفوقها.

 

مليون نخلة..

وفي تصريحات ذكر أحمد بلعوص عاقل قرية النخيلة، أن مديرية الدريهمي كانت تشتهر ببلدة المليون نخلة، لكثرة مزارع النخيل فيها ووفرة المياه.

 

وأضاف بلعوص: في عام 2000، أصدرت وزارة الزراعة والري إحصائية، أكدت فيها أن مزارع الدريهمي تحوي ما يقارب مليون نخلة مثمرة، وبعد هذا التاريخ بعشر سنوات، قامت منظمة التنمية المستدامة بالنزول إلى المزارع ورفعنا تقريراً يفيد بأن 50 ألف نخلة في الدريهمي نفقت وتصحرت مزارعها، والسبب عدم قدرة المزارعين على الاعتناء بها وعجزهم عن ريها، واستصلاح الأراضي بعد ارتفاع سعر مادة الديزل.

 

وتوقف المعونات الحكومية لهم، وفي السنوات الأخيرة تضاعف العجز، وتدهورت معه مزارع النخيل، وبعد اجتياح مليشيا الحوثي لهذه المزارع واتخاذها معسكرات ومخابئ لها، أجبر نحو 80 في المئة من المزارعين على ترك مزارعهم، وتوقفت عملية الري والعناية بالنخيل تماماً، ثم أصبحت هذه المزارع ساحة حرب، حيث عملت المليشيا على استغلالها كمعسكرات سرية.

 

مواسم بلا مزارعين

منذ اجتياح مليشيا الحوثي الإيرانية للحديدة ومزارعها ومدنها، مرت كثير من مواسم التمور، لكن المزارعين والعمال منعوا من دخول بساتين النخيل لتحرمهم الاستفادة من محصولهم وخيرات أرضهم، ويذكر المزارع محمد محمد قاسم للبيان، أنه خسر ثلاثة مواسم قبل تحرير مزرعته الواقعة غرب مديرية الدريهمي.

 

وأضاف قاسم: كنت أمر بجوار مزرعتي، وأشاهد التمور متدلية توشك أن تتساقط، وأتمنى أن أتذوق حبة منها، أو حتى أقف لحظات لتأملها، لكن ذلك لم يكن ممكناً، فدخولك إلى مزرعتك أو وقوفك على مشارفها، سيعني للحوثيين الموجودين داخلها أنك تخطط لشيء ما قد يضرهم، وبالتالي، تصبح متهماً ويأخذوك للسجن.

 

ولا يزال حال النخيل في مزارع الدريهمي متأثراً بالحرب حتى بعد التحرير، حيث يتجنب الكثير من المزارعين دخول حقولهم، خشية وجود حقول ألغام خلفتها المليشيا بعد مغادرته.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية