تحل، اليوم الأربعاء، الذكرى الثامنة عشرة لهجمات 11 سبتمبر/أيلول الإرهابية التي تعد الأكثر دموية في تاريخ أمريكا، حيث أودت بحياة نحو 3 آلاف شخص، في وقت زاد فيه خطر الإرهاب الدولي إلى مستوى غير مسبوق.

وفي مثل هذا اليوم من العام 2001، اختطف 19 إرهابيا 4 طائرات ركاب مدنية، ليوجهوا اثنين منها إلى برجي مركز التجارة العالمي، بينما وجهت الطائرة الثالثة نحو مقر وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون"، إلا أن الطائرة الرابعة سقطت في ولاية بنسلفانيا، بعد أن حاول طاقمها وركابها استعادة السيطرة عليها.

وشكلت هجمات 11 سبتمبر/أيلول خطا فاصلا بين عالمين وعلامة فارقة في التاريخ أدت أيضا إلى استقطاب حاد على مستوى العالم.

وبعد 18 عاما من الحادث الإرهابي لا يزال العالم يواجه خطر الإرهاب ويعاني من أفكار التطرف بصورها المتعددة.

وبعد إعلان تنظيم القاعدة مسؤوليته عن الحادث، شهدت ظاهرة "الإسلاموفوبيا" مدا عاليا في الغرب وسط جهود عربية وإسلامية للتعامل مع المشهد وصياغة أفكار مشتركة تعزز الجهود الرامية إلى تأكيد حقيقة عدم وجود تعارض بين الإسلام ومؤسسات الدولة الحديثة ونبذ الصورة السلبية للمجتمعات الإسلامية بالخارج.

وحتى اليوم، لم يتعاف العالم من آثار الحادث رغم تعاقب الإدارات الأمريكية ومقتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، واختفاء خليفته أيمن الظواهري.

ورغم الحروب التي خاضتها واشنطن سواء في أفغانستان أو العراق وقواعدها العسكرية المنتشرة في بلدان منطقة الشرق الأوسط، لا يزال تنظيم القاعدة حاضرا، ربما ليس بالقوة التي كان عليها، لكن أفرعه المنتشرة في العديد من أنحاء العالم لا تزال تنشط.

بل ساءت الأوضاع في كثير من الدول بما أنتجته التنظيمات الإرهابية من مولود جديد تحت مسمى "داعش" الذي فاق الجميع في فظاعة جرائمه.

ماذا حدث؟
ووفق الرواية الرسمية للحكومة الأمريكية فإنه في يوم الثلاثاء 11 سبتمبر/أيلول 2001 نفذ 19 شخصا على صلة بتنظيم القاعدة باستعمال طائرات مدنية مختطفة هجمات إرهابية.

وانقسم منفذو العملية إلى أربع خلايا ضمت كل مجموعة شخصا تلقى دروسا في معاهد الملاحة الجوية الأمريكية، وكان الهجوم عن طريق اختطاف طائرات نقل مدني تجارية، وتوجيهها لتصطدم بأهداف محددة".

وكانت الهجمة الأولى حوالي الساعة 8:46 صباحا بتوقيت نيويورك، حيث اصطدمت إحدى الطائرات المخطوفة بالبرج الشمالى من مركز التجارة العالمى، وبعدها بقليل في حوالي الساعة 9:03، اصطدمت طائرة أخرى بمبنى البرج الجنوبي، وبعد ما يزيد على نصف الساعة، اصطدمت طائرة ثالثة بمبنى البنتاجون، بينما كان من المفترض أن تصطدم الطائرة الرابعة بالبيت الأبيض، لكنها تحطمت قبل وصولها للهدف.

وسقط نتيجة لهذه الأحداث 2973 ضحية و24 مفقودا، إضافة لآلاف الجرحى والمصابين بأمراض جراء استنشاق دخان الحرائق والأبخرة السامة.

سياسات أمريكية جديدة
الحادث المأساوي ساعد في تغيير الكثير من السياسات العالمية، التي ألقت بظلالها على الشرق الأوسط بشكل كبير، ووصل خطر الإرهاب الدولي إلى مستوى غير مسبوق.

ونتج عن الحادث تغييرات كبيرة في السياسة الأمريكية، حيث استغلته إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق جورج دبليو بوش لتعلن ما يسمى بـ"الحرب على الإرهاب"، وضرب أي أعداء محتملين لأمريكا.

واستخدمت إدارة بوش الحادث في تبرير غزوها لأفغانستان، ثم العراق واحتلال الدولتين عسكريا.

كما تسبب الحادث في رفع ميزانية وزارة الدفاع الأمريكية لمواجهة الإرهاب، وتشكيل محاكمة عسكرية لمحاكمة المتهمين بأعمال إرهابية، وإصدار تشريعات تجيز التفتيش والاحتجاز والتنصت على الهواتف والبريد الإلكترونى وغيرها.

عقب الكارثة، ربط بوش سياسة الهجرة بسياسات الأمن القومي ومراقبة الحدود.

وبحسب موقع "إيه بي سي"، أنشأ بوش هيئات حكومية جديدة، بالإضافة إلى وضع بعض الطرق الرئيسية التي تغيرت بها الهجرة عقب 11 سبتمبر/أيلول.

الفرق الأكثر أهمية هو أن وزارة الأمن الداخلي لم تكن موجودة قبل 11 سبتمبر/أيلول.

وعملت الإدارة الأمريكية أن تتكون الهيئات الرئيسية الثلاث التي تم إنشاؤها داخل وزارة الأمن الداخلي من الجمارك وحماية الحدود (CBP)، وإدارة الهجرة والجمارك (ICE)، وخدمات الجنسية والهجرة الأمريكية (USCIS).

وشملت المهام الرئيسية التي يقومون بها في مرحلة ما بعد الحادي عشر من سبتمبر/أيلول، إجراء الفحص وجمع البيانات عن المسافرين الدوليين، وإجراء فحوصات إضافية ومقابلات مع أشخاص من جنسيات معينة، ومشاركة المعلومات مع البلدان الأخرى.

كما بدأت الولايات المتحدة في تخصيص التمويل الضخم لإنفاذ الهجرة، وإنشاء وزارة الأمن الوطني، وخلق قواعد بيانات جديدة وقوية لم تكن موجودة.

20 عاما دون محاكمة
رغم كل ذلك حتى الآن لم تبدأ بعد جلسات محاكمة الضالعين في التخطيط لتلك الهجمات، الذين تم القبض عليهم في عام 2003، حيث تأجلت المحاكمة لأكثر من مرة.

وستكون أول جلسة محاكمة للمتهمين الخمسة المقبوض عليهم في يناير/كانون ثان عام 2021 أى بعد نحو 20 سنة من الهجمات.

والمتهمون الخمسة هم خالد شيخ محمد، ووليد بن عطاس، ورمزى بن الشيبة، وعمار البلوشى، ومصطفى الحوساوي، وستتم محاكمتهم فى محكمة عسكرية في قاعدة جوانتانامو بكوبا.

ويواجهون اتهامات تتعلق بجرائم حرب، ومن بينها الإرهاب وقتل نحو 3000 شخص.

تغريم إيران
في مايو/أيار من العام الماضي، أصدرت محكمة فيدرالية في نيويورك حكما يلزم إيران بدفع أكثر من 6 مليارات دولار، تعويضات لأقارب نحو 1000 من ضحايا هجمات 11 سبتمبر/أيلول، لتصبح بذلك إيران أول دولة تواجه حكما بدفع تعويضات لضحايا الهجمات.

وقضى الحكم الذي أصدره القاضي الفيدرالي، جورج دانيلز، بمسؤولية الدولة الإيرانية، ومليشيا الحرس الثوري الإيراني، والبنك المركزي الإيراني، عن مقتل 1008 أشخاص رفعت أسرهم دعاوى ضدهم.

وأفادت شبكة «إيه.بي.سي» نيوز الأمريكية، بأن هذه الدعاوى القضائية التي تم رفعها لأول مرة عام 2004، وسُمح باستئنافها عام 2016 عقب إصدار الكونجرس قانون العدالة ضد الدول الراعية للإرهاب المعروف باسم «جاستا»، بزعم أن إيران قدمت المساعدة إلى مختطفي الطائرات التي شاركت في هجمات 11 سبتمبر/أيلول بما في ذلك التدريب.

نصب تذكاري ومتحف
وتم إنشاء نصب تذكاري في موقع البرجين، وكذلك متحف 11 سبتمبر/أيلول التذكاري الذي افتتح قبل خمسة أعوام وسط مدينة منهاتن لتبقى شاهد عيان يحيى هذه الذكرى الأليمة.

وتخلد أمريكا ذكرى الحادث بفعاليات تذكارية في مدينة نيويورك وبإضاءة الشموع، في محيط مركز التجارة العالمي، حيث وقعت الفاجعة.

كما تقام فعاليات تذكارية أيضا في البنتاجون وبالتحديد في مكان استهداف المبنى العسكري الأشهر في العالم.

وخلال الاحتفاء بهذه المناسبة، اليوم الأربعاء، سيتم قراءة أسماء القتلى كما حدث في العام الماضي، وستغرس بعض عائلات الضحايا رسائل تذكارية، وورود في متحف ونصب 11 سبتمبر/أيلول، الذي سيكون متاحا فقط لأقارب القتلى في هجمات 11 سبتمبر/أيلول.

أما الجمهور العام فستقام له فعالية عامة تضم فقرات فنية عند غروب الشمس، ستمتد حتى منتصف الليل.

أخبار من القسم

تطورات الساعة

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية