أينما ولى سكان تهامة بمحافظة الحديدة وجوههم يكون الموت راصدهم ومراقبهم؛ تمتلكهم المخافة وهواجس القلق بين البقاء في منازلهم أو الرحيل إلى مخيمات النزوح.

 

ورغم أن مخاطر البقاء في منازلهم تجعلهم عرضة للسجن والتنكيل من قبل مليشيا الكهنوت الإرهابية، فإن الرحيل إلى مخيمات النزوح يظل معقودا بالحظ بالذات مع التهديد الحوثي المستمر للمخيمات بالقصف الصاروخي البعيد الذي قتل وأصاب كثيرين من النازحين كما هو الحال في مخيم آل جابر بضواحي مدينة الخوخة جنوب الحديدة.

 

منذ الوهلة الأولى للقرار الذي يتخذه المدنيون بمغادرة منازلهم بحثا عن منجى يقيهم شرور المليشيا الارهابية، تبدأ رحلة المعاناة، هذه المعاناة لا تفرق بين نازح أو مهجّر أو مشرد، فالجميع سواسية في تحصيل الويل على طريق الرحيل.

يتعرضون للإهانة قبل الخروج من المنازل، ثم التعنيف وقت السفر الشاق، وإطلاق النار عليهم عندما يشقون الطرق الرميلة سيرا على الأقدام نحو مخيمات النزوح، تتضاعف هذه المعاناة على نحو يصعب حمله على الناس فتلزمهم الضرورة والاقدار على تحمل الأعباء والمشقات.

 

مخيم آل جابر شاهد حال

وازدوجت جرائم مليشيا الحوثي على مخيم آل جابر خلال الفترة الماضية موقعة ضحايا بينهم قتلى من الأطفال والنساء، وتلك جرائم شنعاء انتهكت عبرها مليشيا الكهنوت الأعراف الإنسانية وقوانين حقوق الانسان.

ونقلا عن مصدر عسكري في المقاومة الوطنية رصد تأكيدا لمسؤول الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين ومنسق الإغاثة في الحديدة عادل عبدالله فإن " ٣صواريخ كاتيوشا أطلقتها ميليشيا الحوثي الإرهابية، لاستهداف مخيم «بني جابر» الواقع شرق مدينة الخوخة، ما أسفر عن مقتل امرأة وإصابة 9 أطفال و5 آخرين، بينها إصابات متوسطة وأخرى حرجة". إذ يعود تاريخ هذه الحادثة إلى الخامس من أكتوبر ٢٠١٨، وقد غطتها وكالة ٢ديسمبر حينها بالصوت والصورة.

 

لم تمثل الجريمة هذه رادعا للمليشيا رغم جسامة وحشيتها، كانت أشلاء ممزقة تنتشر في ساحة المخيم وصراخ نساء يملأ المنطقة وخيام تعرضت للتدمير نتاج هذه الصواريخ التي استهدفت النازحين وقت الظهيرة وأحالت المكان إلى مأتم؛ بل تحولت هذه الجريمة إلى دافع أعطى المليشيا نزعة لقتل المزيد من النازحين وتمزيق أجسادهم بسبب قلة الإدانة الدولية وخلو المواقف الحقوقية من الجديدة في التعامل مع مثل هكذا جرائم.

 

وتعرض مخيم آل جابر لهجوم ثانٍ بصواريخ كاتيوشا منتصف مارس الماضي غير أن الصواريخ أخطأت مساراتها وسقطت في مناطق محاذية للمخيم، حيث سقط إحداها في مفترق يربط مدينة حيس بمدينة الخوخة قرب تجمعات مدنية محدثا حالة من الهلع والفزع في صفوف المدنيين العزل.

 

جرائم على طريق النزوح

وكان نازحون من مديرية التحيتا ينتقلون في طرق ملتوية بمنطقة الفازة في أبريل ٢٠١٩م، وعندما بدأوا يخرجون إلى أفق يتيح لهم الوصول إلى المناطق المحررة والالتحاق بمن سبقوهم من أقاربهم واهاليهم، تعرضوا لوابل من الرصاص الحي أطلقه عناصر مليشيا الكهنوت الارهابية لثني النازحين عن مواصلة مسير النزوح صوب المناطق الآمنة.

 

وحينها تحدثت مصادر للوكالة عن إجبار المليشيا النازحين على العودة إلى المناطق التي قدموا منها دون السماح لهم للنجاة بأنفسهم وأطفالهم الذين كانوا يبكون برفقتهم عندما أطلقت المليشيا وابل من الرصاص صوبهم.  وتلك " جرائم يندى لها الجبين الإنساني وتشكل واحدة من أكثر المحطات تعسفا بحق النازحين" وفق ما يقوله مرتضى سلطان أحد المهتمين برصد النازحين في الحديدة وتعز.

 

وكان هؤلاء النازحون يرغبون بالوصول إلى مخيم آل جابر لكنهم اضطروا أمام الموت المنطلق من بنادق المليشيا على العودة إلى منازلهم المهددة بالقصف الحوثي والمعرضة للصواريخ والقذائف، حيث المؤكد أن المليشيا منعتهم من المغادرة لاستخدامهم دروعا بشرية كما جرت العادة من قبلها في التعامل مع المدنيين خلال الحرب.

 

وتبقى هذه الجرائم مضافة إلى قائمة الانتهاكات الحوثية الطويلة، تذكارا مؤرخا بالدم يسرد أدق التفاصيل عن أشنع مليشيات عرفها اليمن بالجرائم والمكر وخيانة العهود، فلا تخلو منطقة طالتها يد المليشيا من مثل هكذا تشي بوضوح عن "ذاكرة الدم" الباقية على خواطر الناس وقلوبهم تذكي في قلوبهم كره هذه الجماعة وتدفعهم إلى مقاومتها للخلاص منها.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية