لا يختلف سكان العاصمة صنعاء في أن شهر رمضان أصبح بؤسا بالمدينة في ظل استمرار ممارسات ميليشيات الحوثي الانقلابية، وتردي الوضع المعيشي نتيجة عدم صرف رواتب الموظفين وفرض أفكارها الطائفية كمنع فتح مكبرات الصوت في المساجد أثناء صلاة الترويح، بحجة توفير الهدوء للشعب وعدم إزعاجه.

 

واللافت، أن تلك الممارسات تزايدت بعد استشهاد الزعيم علي عبد الله صالح في ديسمبر الماضي، فقبل ذلك لم تجرؤ المليشيا على منع فتح مكبرات الصوت في المساجد أثناء صلاة التراويح أو فرض دورات طائفية على الموظفين في القطاع الحكومي بالمحافظات الخاضعة لسيطرتها، ما يؤكد أنه كان حصنا يمنع ممارسات المليشيا الانقلابية بحق المجتمع اليمني في تلك المحافظات.

 

فمنذ استشهاد الزعيم دشنت المليشيات فرض أفكارها على موظفي القطاع الحكومي في العاصمة صنعاء وبقية المحافظات عبر إقامة دورات طائفية لهم، وما قامت به مؤخرًا بمنع رفع صلاة التراويح في مكبرات الصوت خلال شهر رمضان المبارك.

 

تلك الممارسات، تفرضها المليشيا الانقلابية بالقوة في صنعاء والتي كان بينها منع صلاة التراويح، حيث أصدرت وزارة الأوقاف بحكومة بن حبتور الانقلابية تعميمًا إلى جميع مساجد العاصمة صنعاء، نص على منع رفع صلاة التراويح بمكبرات الصوت، والدعاء على ما يسمونه "العدوان" في إشارة إلى التحالف العربي بقيادة السعودية، يُزاد "الدعاء للمليشيات الانقلابية"، تعميم قال سكان صنعاء عنه أنه يراد به فرض مذهب على اليمنيين لم يعرفوه من قبل، وحول شهر رمضان كأنه شهر عادي مثل أي شهر آخر، بعد أن كان شهرًا له طقوس اعتاد عليها السكان زمنًا طويلاً.

 

قال أحد السكان لـ "وكالة 2 ديسمبر"، لم نشعر بشهر رمضان، وأجوائه لم تحضر بسبب ممارسات المليشيا، متابعًا: حتى صلاة التراويح التي هي جزء من هوية رمضان وروحانيته التي نعيشها منذ طفولتنا، سُلبت منا. فرحم الله الزعيم علي عبدالله صالح فما عرفنا في عهده إغلاق مسجد أو فرض مذهب أو اضطهاد مصلين.

 

وتابع سارداً سبب بؤس شهر رمضان إلى جانب منع صلاة التراويح، ارتفعت أسعار المواد الغذائية، ولم تصرف رواتب الموظفين المتوقفة منذ أشهر، وتراكمت الهموم على المواطن بسبب ظروفه المادية الصعبة في صنعاء، وتردى كذلك، الوضع الإنساني في ظل إصرار المليشيا الانقلابية على رفض تسليم مرتبات الموظفين، وفرض ثقافة طائفية بالقوة.

 

محاضرات الحوثي بدلًا عن التراويح

ما يؤكد صحة أن التعميم يخفى وراءه ثقافة طائفية هو ممارسات أخرى طفت على السطح وحلت بدلًا عن صلاح التراويح، إحداها نقل محاضرات زعيم المليشيا "عبد الملك الحوثي" عبر مكبرات الصوت في المساجد، والتي يلقيها في ليالي شهر رمضان المبارك ولمدة ساعة ونصف.

 

وأفاد مصدر محلي، أن محاضرات الحوثي تنقل عبر مكبرات الصوت في كل ليالي رمضان، معتبرًا ذلك، تناقضا مع تبريرات تعميم الأوقاف بحجة الهدوء وعدم إزعاج السكان، متسائلًا: كيف أصبحت صلاة التراويح مزعجة، بينما كلمة زعيم المليشيات غير مزعجة وتنقل عبر مكبرات الصوت؟

 

يُزاد إلى ما ذُكر، استبدلت المليشيا صلاة التراويح بتشغيل تلاوة القرآن من أشرطة مسجلة عقب صلاة العشاء، وبعد ذلك تبث محاضرات طائفية بحتة.

 

وهنا، يتضح جليًا أن تعميم الأوقاف يسعى إلى إزاحة كل ما اعتاده السكان في صنعاء وأحدها صلاة التراويح، وإحلال بدلًا عنه أفكار طائفية تمكن المليشيات من تعبئة السكان بثقافتها، وتعمد تجهيله حتى ينساق خلفها وخلف أفكارها التدميرية.

 

تمرد شعبي ضد تعميم الحوثي

غير أن مساعي المليشيات من وراء ذلك التعميم اصطدمت كعادتها بتمرد الشارع، فقد رفض سكان العاصمة وبعض أئمة المساجد منع صلاة التراويح، وقاموا بتأدية الصلاة في عديد جوامع بصنعاء بينها حيي مسيك، والسنينة.

 

وأثار تمرد السكان غضب المليشيات، ودفعها إلى تنفيذ حملة اعتقالات طالت عددا من أئمة المساجد في تلك الحارات، قابله غضب آخر من جانب المصلين الذين واجهوا حملة المليشيات، واشتبكوا بالأيدي مع العناصر المليشياوية.

 

قال أحد السكان في حارة مسيك، حصل بيننا خلاف مع إخوان لنا في الحارة نعرفهم منذ زمن، عقب محاولتهم إخراج المصلين بعد صلاة العشاء لإغلاق المسجد، مضيفًا ردينا على محاولتهم بأن هذا بيت الله ولا يحق لأحد إغلاقه، وأنها تظل مفتوحة طوال ليالي رمضان يتعبد السكان فيها ويقرأون القرآن.

 

غضب المصلين الذي واجه المليشيات، ضاعف غضب الأخيرة فهددت بتفجير أي جامع تؤدى فيه صلاة التراويح، غير أنها لم تفلح في تحقيق هدفها، وواصل السكان أداء صلاة التراويح دون مكبرات الصوت.

 

وعلى كل حال، لا يجادل أحدًا بصحة ما يقوله السكان في صنعاء بأن شهر رمضان الحالي يختلف عن سابقيه وأكثرهم بؤسًا، في ظل ممارسات المليشيات الحوثية، وظروف المواطنين المادية الصعبة ولا يجادل أحد كذلك، في أن تعميم المليشيات هدفه بعيد عن التبرير الذي تضمنه، ولعل بث محاضرات زعيم ميليشيات "عبد الملك الحوثي"، والمحاضرات الطائفية التي تبث عبر مكبرات الصوات في المساجد، خير دليل على ذلك.

 

والأهم الذي يمكن استنتاجه مما يتعلق بذلك التعميم، هو حجم الرفض الشعبي الكبير من السكان، وردود أفعال المليشيا الانقلابية للرفض، من حملة اعتقالات وتهديدات ضد أئمة الجوامع والمصلين، حيث كشف عن إصرار المليشيات على تنفيذ أفكارها وثقافتها الطائفية بالقوة، وإصرار السكان على التصدي للأفكار والثقافة الطائفية.

أخبار من القسم

تطورات الساعة

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية