بدأت أعاني من آلام الحيض بشكل شديد منذ الرابعة عشرة من عمري، وكنت استخدم الكمادات الساخنة حتى وأنا في المدرسة لكي أتمكن من قضاء اليوم. لكن في أحيان أخرى كان المرض يستبد بي ويقعدني في المنزل، ولم يعرف الأطباء ماذا أصابني واعتقدوا أن هذه أعراض التهاب الزائدة الدودية.

 

وبعد عشر سنوات لم تخل من الألم، توصل الأطباء أخيرا إلى إصابتي بداء يُعرف بـ"انتباذ بطانة الرحم". ولم يهون ذلك من متاعبي، بل عرفت خلال لقاءات عديدة بالأطباء أنه مرض غير مفهوم ولا يقل تشخيصه صعوبة عن علاجه، وقد يعيش به المرء طيلة حياته.

 

و"انتباذ بطانة الرحم" هو داء يصيب النساء ويرتبط بالدورة الشهرية، حيث توجد بأجزاء عدة من جسم المرأة أنسجة أشبه بنسيج بطانة رحمها وقد توجد في قنوات فالوب وفي الحوض والأمعاء والمهبل والأمعاء الدقيقة، بل وأحيانا تصل إلى الرئتين والعينين والعمود الفقري والمخ. ويُعد الطحال هو الجزء الوحيد في الجسم الذي لا توجد به هذه الأنسجة. وتشمل أعراض هذا المرض الشعور بألم شديد في الحوض والإرهاق لفترات طويلة.

 

ويصيب هذا المرض نحو 176 مليون امرأة في العالم. وفي الولايات المتحدة، كما في غيرها من بلدان أخرى، يصيب هذا المرض واحدة من كل عشر نساء في عمر الإنجاب. وعلى الرغم من ذلك، يجري تخصيص قرابة ستة ملايين دولار لتمويل أبحاثه سنويا، في حين أن أبحاث اضطرابات النوم، على سبيل المثال، تتلقى أكثر من خمسين ضعف هذا المبلغ.

 

وأظهرت دراسة شملت عشرة بلدان مختلفة أن هذا المرض يُكلف المريضة الواحدة 9,579 يورو سنويا في المتوسط تنفق على الرعاية الصحية وما يتعلق بقلة الإنتاجية وجودة الحياة، أي ما يصل لنحو 26 يورو في اليوم، ناهيك عن احتمال تسببه في العقم، وأن الألم في حد ذاته قد يعرض المرضى لمشكلات أخرى.

 

وتقول كيتي فينسنت، وهي متخصصة في أبحاث الألم بجامعة أوكسفورد: "لدينا أدلة على أن التعرض للألم الشديد يؤثر على الجهاز العصبي المركزي ويُغير استجابة المرء للألم مستقبلا ويجعله أكثر عرضة لاضطرابات أخرى ذات ألم مزمن".

 

وبالنسبة لمن تظهر عليهن أعراض المرض - وهناك مصابات كثيرات يعشن دون ظهور أعراض المرض - يعد الألم الحاد في منطقة الحوض هو العرض الأبرز دون وجود سبب بدني واضح، مما يزيد المرض غموضا.

 

وحتى بعد التشخيص لا يكون من السهل التحكم في أعراض المرض. ويقول بعض الأطباء للمريضة إن الحل يتمثل في الإنجاب، وهو أمر غير منطقي نظرا لأن المرض قد يتسبب في العقم من الأساس، كما أن التحسن يقتصر على فترة الحمل والإنجاب فقط.

 

وفي لقاء بمجلة "فوغ" الأمريكية، أشارت الكاتبة لينا دانهام إلى أن إزالة الرحم قد يكون علاجا محتملا للمرض. لكن هذا الخيار صعب، كما أن التهتكات بالأنسجة تقع خارج الرحم وليس داخله، وبالتالي لن تنتهي المتاعب بإزالة الرحم.

 

ونظرا لأن تهتك الأنسجة البطانية يتأثر بهرمون الإيستروجين فكثيرا ما يكون العلاج الهرموني هو الخيار الأول. لكن ذلك قد يساعد الحالة على التحسن ولا يشفيها تماما، ويتسبب في أعراض جانبية.

 

ويلجأ البعض إلى قطع الطمث عبر التدخل طبيا، لكنه ليس خيارا طويل الأمد لتسببه في هشاشة العظام، خاصة لدى الشابات.

 

المصدر: بي بي سي 

أخبار من القسم

تطورات الساعة

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية